كل المواجهات التي تشعل النيران من تحت أقدام الحوثي، كل الجبهات والمواجهات في مساحة واسعة من الأرض، كل التقدمات على أكثر من موقع وفِي أكثر من محافظة، لم تكن كافية لإجبار الشرعية ونواتها الصلبة “الإخوان”، على إعادة النظر وضرورة التفكير الجدي في تنفيذ اتفاق الرياض.
وفيما يعلق الجميع الآمال في توسيع نطاق الفعل العسكري الموجه ضد طرف الحوثي، مازال طرفاً آخر يُؤْمِن أن معركته هي هناك في الضفة الأُخرى، مع الجنوب وضد الانتقالي، لذا يحافظ على قواه وبنيته العسكرية الضاربة، خارج السياق الطبيعي لها وحيث يجب أن تكون، في قلب القتال ضد الحوثي لا على هامش المواجهة، بانتظار مواءمة تتيح له الانقضاض جنوباً.
قوات الحشد الشعبي في تعز، معسكرات ومحور طور الباحة التابع للإخوان، قوات المحور، حشود شقرة، عدم انخراط قوات شبوة وحضرموت، تنويم المناطق العسكرية الأُخرى، كل هذه المعطيات الملموسة وفي هذا التوقيت الحرج، تؤكد أن جناح الشرعية له تقديرات موقف عسكري سياسي مختلف عن الإجماع الوطني، تقدير لا يرى في الحوثي خصماً وجودياً، وأنه يمكن تبادل الخدمات معه ومد جسور التفاهمات، على الضد من خصمه في الجنوب حيث قتاله فرض عين، وتصفية وجوده غاية مشتركة حوثية إخوانية.
عدم فتح جبهة تعز خيانة
عدم تنفيذ اتفاق الرياض خيانة
عدم الزج بكل الأولوية في المعركة خيانة
ويبقى جناح الإخوان في الشرعية، مطبخ هندسة كل الخيانات لصالح التمكين، ولا شيء غير التمكين، وخارج هذه الغاية فليذهب الوطن إلى الجحيم.
…………..
قول الحوثي عبر ماكينته الإعلامية، برغبته بالانفصال عن الجنوب، تندرج ضمن الرسائل الملغمة وفن صناعة الأفخاخ، لتحييد القوة الجنوبية خارج مربع الصراع، وبعدها سيتغذى بحضرموت ويتعشى بصيره.
…………..
ما لم تدار المعركة بهدف واضح ومحدد، وهو تحييد الحوثي وشطبه كلياً كمشروع سياسي، فإن كل المواجهات ستبقى تكتيكية الغاية، هدفها إعادة رسم الأحجام بحيث يغدو الحوثي أحد اللاعبين وليس اللاعب الأوحد، وهو ما يمكن أن نسميه مفاوضات ضرب النار ودبلوماسية السلاح.