أخبار عدن
دكتور / شيخ بانافع يكتب عن : "الفوضى العمرانية أداة مستقبلية لمقاومة السلطة وتدمير المدن اليمنية ومكوناتها المجتمعية"
تاريخ النشر: الاثنين 24 اغسطس 2020 - الساعة 20:33:09
حياة عدن / كتب / دكتور / شيخ بن سالم بانافع :

شهدة كثير من مدن الوطن العربي في الوقت الحاضر عمليات تغيّر عمرانية واسعة  وحديثه جعلت منظرها العام  يشابه الخيال بناطحات السحاب وتحول نوع البناء النمطي الضلي فيها الى شكل البناء الزجاجي الحديث وسلكة حكوماتها نهج سياسة التخطيط العمراني بالاستندارت الدولي وعدلة تلك الدول قوانين التخطيط الحضري لديها وقوانين البناء فيها بما يكفل ظهور مدن عصريه من نوع فريد ونحن اذ نعيش في اعتاب ومعمعان عصر العولمة والعالم قد صار قريه ولكن بالمقابل مانراه اليوم في مدننا اليمنية سوى في الشمال او في الجنوب وخاصه بعد مايسمى ثورات الربيع العربي التي شهدتها بعض الدول العربية ومنها اليمن  وما ولدت لنا من حروب وتدمير لدولة والسطو على مقدراتها  فقد اتبعت الحكومات المتعاقبة مؤخرا" في اليمن سياسة تخطيطية تتكيف مع اهواء ورغبات وحاجة اصحاب رؤوس الاموال الضخمة التي ظهرت مؤخرا" وبعض النافذين القبليين وبعض الثوار خاصه في مدننا الحديثة النشأة وعلى قائمة هذه المدن اليمنية تأتي بالمقدمة مدينة عدن الكبرى ثم تأتي بعدها مدينة عتق الجديدة وتليها مدينة المكلا  وكذلك مدينة مأرب الجديدة ايضا"  .

هذه المدن التي ذكرناها كما يبدو انها قد سقطت ولازالت تسقط في فوضى ومزاجية التخطيط العمراني وعملية البناء دون وجود رقيب او حسيب ويرافق هذه الامور الخطيرة التي تتم صمت مريب من السلطات المحلية حتى تخدش الجمال التخطيطي لهذة المدن وصارت مكوناتها التخطيطية تخدم وتلبي حاجة جشع الرسمالية المتسلطة مثل ظهور بعض المسؤولين الذي اثرو مؤخرا" وبعض النافذين القبليين وتجار الحروب وحاجتهم المستمرة للتخلص من رأس المال المتراكم لديهم  حتى عملوا على تعطيل قانون اراضي وعقارات الدولة رقم 21 لعام 1995م ولائحته التنفيذية رقم 170لعام 1996م  وقانون التخطيط الحضري رقم 20  لعام 1995م واللائحة التنفيذية لقانون التخطيط الحضري الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم(260)لسنة 1997م الجريدة الرسمية العدد (24/2 ) لسنة1997م وكذلك قانون البناء رقم 19لعام 2002م ولائحته التنفيذية رقم 119لعام 2009م الذي يحدد طرق والية اعداد المخططات وتعميدها والاعلان عن صدورها وتحديد مناطق صدورها وكذلك البناء وشروطه لكن تم تعطيل العمل بالمخططات العامة والمخططات التفصيلية المعتمدة ودخول الهيئات المناط بها القيام بهذا المهام الى مرحلة الموت السريري او العمل الخاص من قبل بعض موظفيها لحساب تلك الفئات النافذة المهيمنة الموجهة لبوصلة التخطيط والبناء في تلك المدن  وانتشار شكل العمران الرأسمالي الجديد في كل أنحاء وضواحي مدينتي عدن ومدينة عتق ومدينة المكلا ومدينة مأرب تحديدا" .

 

وعلى ما يبدو وما تشير اليه بعض الدلائل ان العدوى قد انتقلت الى مدينة سيئون الطينية وبقية مدن الوادي وتحولت الى مدن إسمنتية بمخططات من نوع سكتشات خاصة بينما كان هذا محرم  وان لم يتضمن ذلك قانون البناء اليمني الذي لم يراعي خصوصيات بعض المدن الطينية التراثية ذات الطابع المعماري الخاص وكذلك مدينة الغيظة وحديبو بدأت تنتقل اليها التجربة الرأسمالية والمليشاوية لتخطيط الخاص البعيد عن الرقابة الحكومية او حتى مصادقة جهات التخطيط على تلك السكتشات التي ستخلق كوارث تخطيطية بيئية وامنية واجتماعية لتلك المدن في العشر السنين القادمة كحد اقصى .

ان التحولات الجريئة التي جرت وتجري على المخططات الحضرية لمدنننا في الوقت الراهن  قد غيّرت مواصفاتها وشكلها ومنظرها الجمالي القديم كليا" !!!

أن مسألة الحق في تخطيط المدن والعيش فيها تقاس حاليا" على مسالة مَن يمتلك تلك المدن ومن يمتلك الحق في إعادة تخطيطها على هواه وبما يخدم  عملية تحقيق مصالحة التي تكفل له جني الاموال الطائلة من خلال  البيع والشراء للأراضي دون الاكتراث لكثافة البناء في مربعات تلك السكتشات التي  يعتبروها مخططات بموجبها تبنا مدن بالوقت الراهن ؟؟؟؟

وهنى يطرح سؤال حتمي على كل انسان يعيش في تلك المدن او ينوي العيش فيها !!!

هل من يمتلك المدن هي الدولة ممثلة بالنظام الذي يحكم اي الذي يمثل الدولة؟؟ ام ان هذه  المدن صارت ملكية الفئة المنتصرة مهما كان توجهها كما يستقر في مخيلة الثوار والمقاومين والمنتصرين في الحروب الحالية ومن يعلقون النجوم والسيوف على بدلاتهم الجميلة ؟؟؟ أم ان من يمتلك المدن هم مجموعة ميليشيات و"فتوات" مسلحة يفرضون هيمنتهم على شوارعها بالقوة  ويتردد في اسماع سكانها المدنيين  صرير تايرات اطقمهم المطبعة بالوان المضلات والكواسر  ذات الرسومات المخيفة على اطقمهم ؟ أم أن المدينة ملك للجيوش المحلية او الوطنية وهي التي تتحكم في مصيرها وتشيدها وقتما تشاء وتحرقها وقتما تشاء وتدكّ بيوتها على رؤوس سكانها حينما تشاء ؟ أم أن المدينة هي من حق سكانها ؟ فإذا كانوا لا يملكونها فكيف لهم ان يستعيدون تخطيطها القانوني والفني الصحيح وفق الشروط والضوابط التي تضمنها قانون التخطيط واما مسألة الملك للأراضي البيضاء والصحاري والارضي الميته والجبال والأكام والتلال والسوائل والسهول .

سنترك هذا الموضوع الحساس للجهات المناط بها ذلك حينما تصحى تلك الجهات التي تعتبر نائب الدولة ووكيلها المناط بها حمايتها واقل حماية كان ممكن القيام بها هي لعب دور الوكيل والمحامي الذي يدافع عن حقوق موكلة وهذه الحقوق تتلخص  في الدفاع عن  اراضي الدولة التي صارت بلا حماية لا من سلطات مركزية ولا من سلطات محليه رغم كثر الاطقم والتشكيلات والمسميات التي نراها في جاهزيتها وهي تجوب شوارع المدن .

 

ان هذه الدولة الغائبة الحاضرة  تحتضر تارة وتظهر تارة اخرى  إلى ان يقضي الله امرا" كان  مفعولا "

الخلاصة والاستنتاج !!!

بهكذا سياسية كارثية تخطيطية خاطئة للمدن والصمت على امتلاك الاراضي التي كانت فقط بمثابة اراضي حدود الرعي وحدود الاحتطاب وحدود الحمى لبعض الفئات المجتمعية في الاعراف ليس الا !!!

هنا مصير اغلب شرائح المجتمع خاصة المعدمين والموظفين الذي لن يكون لهم اي  حق في الحصول على اي اراضي مخططة كما كانت الدولة تقوم بذلك وستحرم الشرائح الوسطية والمعدمة من  عملية اعادة رسملتها الاقتصادية من خلال الاراضي المخططة المخصصة للبناء  والاراضي الزراعية بهذه السياسة التي كانت تخلق  بعض التوازن بالحد الادنى ما بين الطبقات محدودة الدخل والطبقات المالكة للمال ولديها القدرة على الشراء والبناء والرفاهيات  وبهكذا سياسه حالية فإنها ستجبر شرائح الموظفين العاديين ومن في حكمهم الى اللجوء للعيش في ضواحي المدن في الاحياء العشوائية العادية حيث الشوارع الضيقة وسيفتقدون للأحياء النموذجية العامة وسيصيرون جزء من العشوائيات التي تنشئها الفئات المهمشة على شكل اكواخ من الطرابيل والجواني والخيم والصفائح في ضواحي المدن الكبرى، والثانوية  مما يعزز من فكرة اختفاء وغياب العدالة في حق السكن في مدن نموذجية مخططة تخطيط حضري وسيلازمهم الشعور الدائم بالتهميش، ويعزز من عملية تطور  فروقا طبقية وصراعا يوميا يعيشه سكان تلك المدن ، صراعا سيكون على امتلاك الشوارع بين السيارات الحديثة وسيارات الأجرة ودراجات التيك توك والمواصلات العامة في حال اختفى الجمل والحمار من الطهور كوسيلة نقل بدائي  وصراعا اخر سيكون على الأرصفة بين المحلات التجارية وبين الباعة المتجولين، وصراعا اخر سينشأ على الميادين بين مخيلة الأثرياء التي تسعى للترفيه والترف والتنزه وتنظر إلى الشوارع والميادين كساحات للانتقال والتسوق وبين مخيلة عموم الناس التي ترى أن لها حقا في تلك المدينة وحقا في تلك الشوارع.

ففي حين يستمر التمدد والتخطيط العمراني الغير رسمي والرأسمالي الخاص بخدمة شريحة النافذين في تجاهل حياة  الناس من سكان المدن وتجاهل أنماط حياتهم وحركتهم ونشاطهم لكسب الرزق في حياتهم اليومية، يعيد الناس البسطاء والعاديون محاولات فاشله في رسم خطوط حياتهم للتكيف مع العمران المادي الذي الأغلبية المجتمعية لسكان المدن سيفشلوا في التعايش والتكييف معه ومجاراته !!!

اضافة الى الميزانيات الباهظة التي ستقوم السلطات المحلية باعتمادها وانفاقها من الضرائب والرسوم التي يدفعها المواطنين العاديين لأجل ادخال بعض الخدمات من زفلتت الطرق ورصفها وادخال الكهرباء ومد شبكاتها  والماء وبناء منشاءات صحية وتعليميه لهذه المخططات (( السكتشات) اذا حددوا لها نسبة بسيطة من الارض لا تتوافق مع عدد السكان بمربعات هذه السكتشات التي سينتهي دور من عملوها وتخلصوا منها بعد الانتهاء من استلام نقود قيمة الاراضي فيها .

فهل ستفيقوا يا ولات الامر من سباتكم المصطنع الذي تترتب عليه مسائل كارثية كبيرة قادمة على مدننا وعلى البسطاء من الناس .

التعليقات
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص