أخبار عدن
القوانين اليمنية ومن يقف خلف التعديلات العبثية للمخططات الهيكلية والتفصيلية التي مستها بالسلب على أراضي الدولة
تاريخ النشر: الخميس 01 ابريل 2021 - الساعة 00:07:02
حياة عدن| كتب/ د. شيخ بانافع الأموي

شهدت المحافظات الجنوبية منذ اندلاع الحرب وغزوها عام 2015م وبعد تحريرها فوضى كبيرة بالمخططات وأراضي الدولة، وبالتزامن مع ظهور القوى الجديدة التي تكالبت على الأراضي العامة البيضاء، ولم يشهد التاريخ لهكذا تكالب مثيل.

هذا التكالب بالتحديد على أراض الدولة البيضاء والموات والصحراوية والجزر والاكأم  والجبال وكذلك المصروفة بمخططات رسمية معتمدة منذ ٣٠ عام؛ لم تسلم هي الأخرى من ذلك، وكل هذا البيع والشراء الذي تم ويتم فيها اليوم تم بمباركة وتعميد أقلام التوثيق، التي لو كانت امتنعت من القيام بذلك لما حصل ماهو حاصل اليوم، وحتى ماتم من مبايعات مست أراضي الدولة منذ  العام 1991م، هذه المبايعات كانت هي ألاساس للنتائج التي وصلت إليها الامور اليوم، وذلك نتيجة التعديلات المستمرة التي طالت قانون التوثيق رقم (29) لسنة 1992م وتعديلاته بالقانون رقم ( 34) لسنة 1997م، وآخرها التعديل للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن التوثيق، والذي كان في كل تعديل طاله؛ ينعكس بالسلب على أراضي الدولة وعقاراتها ويساهم في اعطاء غطاء لعملية العبث والبيع التي طالت أراضي الدولة البيضاء والميتة،

كما أسهمت تلك التعديلات في خلق غطاء لقوى النفوذ بكل أنواعها التي أفسدت الدولة ومؤسساتها، وجعلت موظفيها تحت رحمة هؤلاء الحفنة، والذي مازال بعضهم يتواجد في صناعة قرارات الدولة إلى اليوم، وذلك لغرض التسهيل لعملية الاستملاك والتملك وتحرير المحررات والمبايعات في الأراضي البيضاء والموات المتصحرة والمتروكة والمراهق والشعاب والاودية والاكام والجبال وأراضي الرعي والاحتطاب، وكل هذه الأمور تتم بالقانون الذي أدارت تعديلاته شريحة الفاسدين الذين ابتلى الله الدولة بهم، إلى أن صار يقف خلفهم مطبخ كبير لمسؤولين قلة عرف عنهم حبهم لتملك الأراضي تحت حجج مختلفة، حتى شكلوا امبراطوريات مستقلة كانت تنافس هيئة الاراضي كمؤسسة رسمية ذات شخصية اعتبارية، بل وبعضها استغلت بها مواقف سياسية، أجبرت القيادة العلياء للتنازل عن أراضي الدولة المتصحرة، مقابل التهدئة السياسية، ولن نتحدث عنها اليوم، لأن الكل يعرف ذلك، وسيأتي يوم تتقوى فيه الدولة التي لاشك أنها ستستعيد أملاكها المنهوبة، حيث وأراضي الدولة لا تسقط بالتقادم كما ورد في القانون. 

كما عملت هذه الفئة ولما تتمتع به من نفوذ سابقا "وحاليا" على إضعاف قانون البناء حتى لايتضمن في مواده أي صلاحيات واسعة للبلديات والعوائق وسلطات الإزالة والهدم لأعمال البناء التي تعتبر اغتصاب للأرض ومخالفة للتخطيط الحضري، ومنح البناء العشوائي الحصانة بعد ٢٤ ساعة منذ إقامته وحتى طال قانون البناء ما طاله ومسه من تعديل لصالح مافيا الأراضي. 

من جهة أخرى هذه المافيا التي تتمتع بالنفود لم تستطع تعديل بقية القوانين لصالح أطماعها، مثل قانون الأراضي وقانون التخطيط الحضري وقانون الإثبات  المعدل وقرارات مجلس القضاء التي قضت بإلغاء أحكام إثبات الواقعة واعتبارها أحكام في حكم العدم وظلت هذه القوانين رغم مافيها من عيوب لكنها شكلت  معضلة وشوكة في طريقهم، لأن تعديلها كان يتطلب موافقة بعض الرموز الوطنية، وقادت الهيئة العامة للأراضي بحنكة وقوة وهيبة ورفضت تعديل هذه القوانين، وقاومت محاولات مافيا الأراضي على إجراء هذا التعديل على القوانين التي ذكرناها. 

وبالمقابل وعندما قامت الهيئة العامة للاراضي بالشراكة مع وزارة الشؤن القانونية والبنك الدولي عام 2009م بإعداد مشروع قانون ((السجل العيني الحديث))
(Land reglater extract)
الذي كان سيمثل نقطة تحول تشريعية هامة للدولة اليمنية حول الملكية والتسجيل العيني، وقفت هذه القوى ضد تمرير هذا القانون في مجلس النواب، ومنعوا مناقشته، ونجحوا في ذلك، 

لكننا كنا نؤمن انه سيأتي يوم  تفرض فيه الدولة نفوذها، وتستعيد كل أراضيها العامة التي نهبت، بعد أن تقوم بإجراء بعض الاصلاحات وخاصة في جانب التشريعات وإعداد القوانين، وتقر طريقة متبعة في أغلب الدول المتقدمة بشأن كيفية إعداد القوانين على أن تكون من قبل مجلس تشريعي متخصص متفرغ يتكون من الأساتذة وعلماء القانون في كليات الحقوق ومعاهد القضاء ونقابة المحاميين، ويتم تفريغهم كمجلس مهمته إعداد ومراجعة القوانين وتحديثها بالإيجاب لا بالسلب كي لا تخدم حفنة من المتسلطين الذين يشكلون مافيا الأراضي. 

*وسنكمل في الجزء الثاني من هذه السلسلة. 

د.شيخ بن سالم بانافع الأموي 
أستاذ مساعد كلية الحقوق جامعة عدن
مستشار رئيس الهيئة العامة للأراضي.
عدن/ مارس 2021م

التعليقات
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص