• آخر تحديث: الخميس 18 سبتمبر 2025 - الساعة:21:15:24
آخر الأخبار
أخبار وتقارير
مجلس القيادة الرئاسي يحتضر.. هل تنقذه الرياض من الموت السريري؟
تاريخ النشر: الخميس 18 سبتمبر 2025 - الساعة 20:26:20 - حياة عدن / غازي العلوي :

من التفويض الجماعي إلى عقلية الفرد: قصة شلل مجلس القيادة الرئاسي

العليمي ينفرد بالرئاسي.. والجنوب يفرض خياراته

بين إعادة الهيكلة والانهيار الكامل .. هل تفرض السعودية صيغة بديلة؟

أزمة الرئاسي الكبرى: الإنقاذ أم السقوط النهائي !!

 

على مفترق طرق تاريخي، يقف مجلس القيادة الرئاسي أمام أكبر اختبار منذ تأسيسه. بين تفرد الرئيس رشاد العليمي بالقرار، وفشل الشراكة الجماعية، يواجه المجلس خطر الانهيار الكامل، بينما يتصاعد نفوذ الجنوب مطالبًا بفرض هيمنته وصياغة مستقبل جديد. هل ينجح الاجتماع المرتقب في الرياض في إنقاذ المجلس وإعادة هيكلته على أسس تشاركية، أم أن الرئاسي يوشك على السقوط نهائيًا؟

تتجه أنظار اليمنيين إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث من المقرر أن يُعقد اجتماع مهم لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي في محاولة أخيرة لإنقاذه من «الموت السريري» بعد شهور من الانقسام والجمود بسبب تفرد رئيس المجلس رشاد العليمي بالقرار وتهميشه المستمر لشركائه. الاجتماع يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره مفترق طرق: إما ولادة جديدة بصيغة أكثر توازنًا، أو إعلانًا غير مباشر عن نهاية المجلس.

العليمي ينفرد بالرئاسي

 

تأسس مجلس القيادة الرئاسي  في أبريل 2022 على قاعدة التفويض الرئاسي الكامل من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي لثمانية أعضاء يفترض أن يتشاركوا المسؤولية. غير أن التجربة سرعان ما انحرفت عن هدفها، بعدما احتكر العليمي القرار السياسي والمالي والإداري، وعطّل إقرار لائحة تنظم عمل المجلس.

 

النائب اللواء فرج البحسني اتهم «قوى خفية» بالعمل على تعطيل اللائحة منذ اليوم الأول، ما أوجد فراغًا إداريًا أدارته شبكات مصالح بعيدة عن المصلحة الوطنية، وسمح بانتشار الفساد والانفلات الأمني في المحافظات المحررة.

‏وقال اللواء الركن فرج سالمين البحسني، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عضو مجلس القيادة الرئاسي، إنه منذ تأسيس مجلس القيادة الرئاسي كان إقرار لائحة عمل تنظم مهامه ،أولوية عاجلة، لكن ما برز هو تهرّب واضح من إشراك كافة الأعضاء، فتحوّل المسار إلى تسويف ومماطلة لازمت عمل المجلس طوال السنوات الماضية، وخلّفت فراغًا أدارته قوى خفية وفق مصالحها.

 

وأشار الى أن التعطيل في عمل المجلس أدى إلى جملة من الاختلالات في المؤسسات حيث "تحوّلت محافظات نموذجية في الإدارة والعمل العسكري إلى بؤر للفساد وغياب القانون، فيما ظل أعضاء المجلس يطالبون بحلول جادة تُقطع دابر الانفلات قبل أن يستفحل".

وتابع "اليوم تقع مسؤولية تاريخية على عاتق التحالف وقيادة المجلس والقوى السياسية: لا مجال للمجاملات ولا التبريرات"، مضيفا أن "المطلوب تشخيص شجاع يعيد تصحيح المسار، وإقرار لائحة واضحة تُلزم الجميع بتوزيع المهام والصلاحيات، فلا يُعقل أن تُدار المحافظات المحررة من مركزٍ معزول عن واقعها".

وختم تصريحه بالقول : "إن الإصغاء لنبض الشارع لم يعد خيارًا بل واجبًا، وإعطاء كل عضو تكليفًا مباشرًا ومسؤولية محددة هو الطريق الوحيد لتحسين الأداء واستعادة الثقة، وإلا فإن التاريخ لن يرحم المتقاعسين عن واجبهم الوطني.

أما النائب عبدالرحمن المحرّمي فأكد أن الانفراد بالقرار كان السبب الرئيسي في الانقسام الحالي، محذرًا من أن غياب المسؤولية الجماعية «لا يخدم العمل المؤسسي إطلاقًا» ويهدد بتقويض العملية الانتقالية.

وأشار نائب رئيس المجلس الانتقالي عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبدالرحمن المحرّمي، أن القرارات الفردية التي اتُّخذت خلال السنوات الماضية كانت السبب الرئيسي في حالة الانقسام التي شهدها المجلس مجلس القيادة الرئاسي.

وأوضح المحرّمي في منشور له ، أن موقفه الثابت هو أن "الانفراد في اتخاذ القرارات لا يخدم العمل المؤسسي إطلاقًا".

وأشار إلى أن عدم الالتزام بالتفويض الرئاسي بنقل كامل الصلاحيات إلى مجلس القيادة (المشكل من الثمانية)، وفقًا لمبدأ المسؤولية الجماعية، قد يعيق التقدم السياسي، ويؤثر على العملية الانتقالية وتحقيق الاستقرار المنشود في البلاد، محذراً من أن هذا الأمر يؤدي إلى تدهور الثقة بين الأعضاء، ويعرقل جهود توحيد الصفوف وبناء المؤسسات الوطنية، مما يؤثر على آمال الشعب في مستقبل مستقر ومزدهر.

وفي ختام منشوره، شدد المحرّمي على ضرورة الالتزام الصارم ببنود التفويض والمسؤولية الجماعية في اتخاذ القرار، لضمان سير العملية السياسية بسلاسة وأمان.

هاتان الشهادتان من داخل المجلس تكشفان أن التفرد لم يعد اتهامًا سياسيًا، بل اعترافًا رسميًا بأن الرئاسي فشل في أن يكون إطارًا تشاركيًا.

تصعيد جنوبي

الأزمة تفجرت عمليًا الأسبوع الماضي عندما اتخذ نائب رئيس المجلس ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي خطوة غير مسبوقة بإصدار سلسلة من التعيينات في وزارات ومحافظات جنوبية، في تحدٍ مباشر لتجاهل العليمي المتكرر للشراكة.

هذه القرارات لاقت ترحيبًا واسعًا في الشارع الجنوبي، حيث اعتُبرت استعادة لجزء من الصلاحيات المصادَرة، لكنها في الوقت نفسه فاقمت الانقسامات داخل المجلس وأكدت أن الشراكة بصيغتها الحالية لم تعد قائمة.

مصدر سياسي جنوبي رفيع وصف المجلس بأنه «ميت سريريًا»، فيما حذّر أنيس الشرفي من أن الخلافات الداخلية تحولت إلى «أزمة بنيوية» تهدد بانهياره الكامل.

وأكد رئيس الدائرة السياسية في المجلس الانتقالي الجنوبي، أنيس الشرفي، أن الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي لم تعد مجرد تباينات سياسية عابرة، بل تحولت إلى أزمة بنيوية تهدد بانهياره.

وشدد الشرفي في تغريدة على حسابة في منصة (x)على أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب حواراً جاداً وتوافقاً يمهّدان لإصلاح جذري يستوعب دروس الماضي ويلبّي أولويات الحاضر ومتطلبات المستقبل، داعياً إلى معالجة جذور الصراع بدلاً من الاكتفاء بحلول مؤقتة لترحيل الأزمات دون حلها.

هل تنقذ الرياض الرئاسي من الموت السريري؟

 

الاجتماع المرتقب في الرياض يضع السعودية، الراعي الرئيسي لتشكيل المجلس، أمام معضلة استراتيجية. فإما إنعاش كيان مترنح عبر فرض آلية تشاركية واضحة تضمن توزيع الصلاحيات، أو القبول بإعادة هيكلة جذرية تعكس الواقع على الأرض، خصوصًا في الجنوب حيث تتزايد المطالب بالاستقلالية الإدارية والسياسية.

 

بحسب مصادر "الأمناء" فان المداولات لن تقتصر على توزيع المناصب، بل ستحدد مستقبل الشرعية اليمنية برمتها. وفي ظل إصرار العليمي على إدارة الملفات بقرارات فردية، يبقى السؤال الأبرز: هل يقبل بالتنازل عن هيمنته المطلقة، أم يغامر بمصير المجلس؟

 

العقل المعطل

 

في قلب هذه الأزمة، يقف رشاد العليمي باعتباره «العقل المعطل» للمجلس. فقد عطّل صدور لائحة العمل، جمد نشاط الحكومة، وأضعف البنك المركزي، بينما تجاهل التحذيرات المتكررة من شركائه. النتيجة كانت شللًا سياسيًا واحتقانًا متزايدًا في الشارع.

 

ويرى مراقبون بأن تصريحات البحسني والمحرّمي عكست أن الأزمة ليست مجرد صراع على النفوذ، بل نتيجة مباشرة لغياب ثقافة التشاركية واستمرار عقلية الحكم الفردي. ومع كل يوم يمضي دون إصلاح، تزداد احتمالات ظهور بدائل أكثر جذرية لإدارة الجنوب والشمال بشكل منفصل.

الرئاسي والفرصة الأخيرة !!

يقف مجلس القيادة الرئاسي اليوم على حافة الانهيار، بعد أن تحوّل من أمل في تجاوز الفردية إلى مرآة لها.

الرياض قد تمنحه فرصة أخيرة عبر فرض صيغة متوازنة، لكن إذا استمر "العقل المعطل" في إدارة المجلس بعقلية التفرد، فإن الانهيار لن يكون احتمالًا بعيدًا، بل نتيجة حتمية.

وبينما يستعد اليمنيون لنتائج اجتماع الرياض، يترسخ الشعور أن مرحلة "ما بعد الرئاسي" قد تكون أقرب مما يتوقع كثيرون.

التعليقات
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

الصحافة الآن