• آخر تحديث: الاحد 06 يوليو 2025 - الساعة:01:49:11
آخر الأخبار
آراء واتجاهات
حوار في مقهى الحوطة: مواقف وآراء حول المجلس الانتقالي
تاريخ النشر: الاحد 06 يوليو 2025 - الساعة 01:49:11 - حياة عدن / بقلم / المناضل الجنوبي خالد علي جوهر 

كانت وجهتي مدينة الحوطة لاستلام راتب شهر مايو، بعد إعلان خبر وصوله.
استقلّيت إحدى حافلات الأجرة من منطقتي، حتى وصلت إلى المدينة، لكنني لم أتوجّه مباشرة إلى مواقع الصرافة، رغم أنني وصلت باكرًا، بل فضّلت أن أتناول كوبًا من الشاي في أحد مقاهي المدينة.

اتّجهت مباشرة إلى المقهى المحاذي لبوابة ملعب معاوية، وجلست على أحد الكراسي وطلبت كوب شاي، ناولني إياه العامل بسرعة.
كان بجواري عدد من أبناء الحوطة، تظهر عليهم علامات النضج والوعي والثقافة، يتبادلون الحديث حول الواقع الاقتصادي والخدمي الذي يعانيه شعب الجنوب، وما وصلت إليه أوضاع المواطنين من سوء.

انتابني الفضول، وقلت في نفسي: سأحاول معرفة ما يدور في أذهانهم.
فسألتهم عن دور المجلس الانتقالي في لحج، واستفسرت عن صحة ما يُنشر من انتقادات تطال رئيسه، وضاح الحالمي، وأعضاء الهيئة، خصوصًا ما يُقال عنهم من إساءات بحق الجنوب وشعبه، رغم أن هذا الشعب قدّم فلذات أكباده فداءً للوطن.

في تلك اللحظة، كان أحد الجالسين يتحدث بألم عن معاناته، قائلاً إنه، في ظل انقطاع المرتبات، اضطر لبيع كل ما يملك ليؤمّن قوت أولاده.
انحنيت قليلاً تجاههم وسألت: "ما رأيكم بدور المجلس الانتقالي في لحج ورئيسه؟"

فوجئت بردود سريعة ومتعددة.
قال أحدهم: "إيش الموضوع؟"
وسألني آخر: "يبان وجهك من قريب.. من فين أنت؟ وتتبع من؟"
أما الثالث، الذي كان يشكو من أوضاعه المعيشية، فقد أجابني بثبات:
"المجلس كياننا وممثلنا الوحيد، ونحن معه وإلى جانبه حتى استعادة وطننا، ومهما ساءت أحوالنا لن نتراجع عن هذا الخيار".

كان رده كبلسم على قلبي، فقلت في نفسي: هؤلاء هم أبناء الحوطة، الذين عرفناهم بمواقفهم وصلابتهم منذ انطلاق ثورة الحراك السلمي، والذين تقاسمنا معهم المعاناة، وسلكنا معهم طريق النضال من أجل الجنوب.

أخذت نفسًا عميقًا، وبادرت بسؤاله مرة أخرى لأستفزه، وأتعرف على تفاصيل ما يُنشر عن رئيس انتقالي لحج، فقلت له:
"قبل قليل كنتَ تشتكي من ظروفك، والآن تقول إنك مع المجلس؟ والمجلس في لحج نقرأ عنه مشاكل وخلافات بين الرئيس والأعضاء، وانشغالهم بأمور سطحية، وبعيدين عن واقع الناس. أي رجل أنت؟ وأي قلب هذا الذي يتحمل؟"

ما إن أنهيت كلامي حتى انتقل الرجلان الجالسان أمامي إلى جانبي، أحدهما عن يميني والآخر عن يساري، بينما جلس الرجل الذي وجهت له سؤالي أمامي مباشرة.
كان الموقف محرجًا، لكنني تماسكت.

فانهالت عليَّ ثلاثة ردود مباشرة:

الأول قال: "إيش فيه المجلس؟ وماله وضاح الحالمي؟! وضاح رجل دولة".
والثاني قال: "يا قريب، قع أديب، وبضاعتك روح سوقها بعيد، مش في أرض الجنوب".
أما الثالث، فسألني مباشرة: "أنت تتبع من؟ قل بصراحة".

فقلت لهم بهدوء: "أنا جنوبي، ابن جنوبي، ولا أتبع أحد، فقط أريد أن أفهم.. هل ما يُقال عن قيادة انتقالي لحج صحيح؟"

هنا رد عليّ الرجل الذي كان يشكو ظروفه، لكن هذه المرة بعقلانية ووعي، فقال:
"اسمع يا حاج، بعطيك الكلام من الآخر.. مادمت تؤمن بمبادئك، ومتمسك بمواقفك الوطنية، ستواجه العثرات، لكنك ستنهض وتكمل الطريق، وستصل إلى مبتغاك".

قلت له: "كلمني بكلام واضح، بدون مصطلحات وفلسفة".

ابتسم وقال:
"طبيعي أن يتحدث الأعداء عن رموزنا الوطنية، ويكتبوا عنهم منشورات كيدية، وينسبوا إليهم ما ليس فيهم، لتشويه صورتهم أمام الناس، لأنهم أصحاب مشروع وطني، ومبادئ صلبة".

ثم أضاف:
"المناضل وضاح الحالمي، رئيس انتقالي لحج، الذي يكتبون عنه بأسماء وهمية، مرة بإسم 'ليزاء اللحجي'، ومرة بإسم 'بنت الخداد'، وحاليًا بإسم 'يمامة علي'... هذا الرجل هو أحد مؤسسي جمعية الشباب العاطلين عن العمل،  ومن مؤسسي الحراك السلمي الجنوبي ، ورئيس الحركة الشبابية الطلابية في الجنوب  ، وهو مقاوم شرس، من الذين وقفوا ضد الحوثعفاشيين في غزوهم الثاني، وزُجّ به مع رفاقه في السجون بسبب مواقفه الصلبة".

أخذ نفسًا، وتابع:
"هل تقرأ تصريحاته النارية في الاجتماعات؟ هل رأيت موقفه عندما يهاجم خصوم الجنوب؟ اذهب إلى مكتبه، ستجده مفتوحًا، وسيقابلك بكل ود وترحاب ما دمت جنوبيًا. سيتفاعل معك ويحل مشكلتك ضمن صلاحياته".

ثم واصل دون أن أُكمل سؤالي الأخير، قائلاً:
"هل تعلم أن وضاح الحالمي منضبط في دوامه أكثر من أي موظف؟ يصل قبل الجميع، ويقدّس المواعيد، ومخلص في عمله، ولهذا السبب يهاجمه الأعداء".

وأضاف:
"هو ليس الوحيد الذي تعرض لحملة.. قبله المحامي رمزي الشعيبي، نزلت عليه منشورات باسم مستعار هو (السلامي)، حتى زعيمنا عيدروس الزبيدي لم يسلم منهم. هكذا هم الأعداء، لا يطعنون إلا في أصحاب القيم والمبادئ".

ثم قال لي:
"مع السلامة، وعساك فهمت.. أنا رايح أشتري لي خضرة".

غادر، والتفتُّ فإذا بالرجلين الآخرين يقولان لي:
"يا حاج، لا تصدق كل ما يُقال. خلي عزيمتك مثل الجبال. الحق وإن تأخر، سيعود لأصحابه. نحن نطالب بوطن، ومن الطبيعي أن نجد الحروب علينا في كل الجبهات".

واختتما كلامهما بعبارة واحدة: "الصبر.. الصبر."

لكم أن تتصوروا حجم العزيمة التي منحوني إياها في تلك الجلسة، لدرجة أنني غادرت المقهى، وركبت الحافلة عائدًا إلى منطقتي، ناسيًا الراتب الذي نزلت من أجله!

التعليقات
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص

الصحافة الآن