
يشكل تمكين الجنوب وإعطاؤه حق إدارة مؤسساته الوطنية خطوة حتمية وضرورة سياسية وأمنية لضمان الاستقرار المستقبلي في المنطقة.
فالتجارب السابقة أثبتت أن محاولات تهميش الجنوب أو مصادرة قراره لم تؤد إلا إلى إنتاج أزمات متجددة، وتغذية بؤر التوتر، وفتح المجال أمام قوى معادية تسعى إلى استغلال هذا الفراغ.
المجلس الانتقالي الجنوبي، بصفته حاملاً للتفويض الشعبي، يضع حماية السيادة الجنوبية كخط أحمر لا يمكن تجاوزه أو القبول بالتراجع عنه، فإدارة مؤسسات الجنوب ليست مطلبًا آنيًّا فحسب، بل هي المسار الوحيد القادر على تحصين المجتمع، وتعزيز الأمن، وبناء مؤسسات قادرة على خدمة المواطن بعيدًا عن شبكات الفساد والتهميش التي عانى منها لعقود.
يبرز هذا التمكين كركيزة رئيسية لإفشال أي محاولة لإضعاف حضور الجنوب أو تذويب قضيته في أطر لا تعكس حقيقة تضحيات شعبه ونضاله الطويل.
فإدارة الموارد والقدرات من الداخل، عبر كوادر جنوبية مؤهلة، تسهم في توجيه هذه الإمكانات نحو خدمة الاستقرار والتنمية، بدلاً من أن تكون أداة لتغذية الصراع أو تكريس التبعية.
في الوقت نفسه، فإن تمكين الجنوب يحمل رسالة واضحة للمجتمعين الإقليمي والدولي بأن المجلس الانتقالي ملتزم بمسؤولياته كقوة ضامنة للاستقرار في مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية.
وهذا الالتزام يعكس نضجًا سياسيًّا ورؤية واقعية تستند إلى ضرورة حماية المصالح الوطنية، مع الانفتاح على الشراكات التي تحترم إرادة شعب الجنوب وخياراته.
وقد أثبتت السنوات الأخيرة أن أي محاولة لتجاوز الجنوب أو إقصاء إرادته الشعبية لن يكتب لها النجاح، وأن الجنوب بات اليوم أكثر وعيًّا وتمسكًا بحقه في إدارة شؤونه وصون سيادته.
وبالتالي فإن تمكينه ليس مجرد خيار سياسي، بل هو الضمانة الوحيدة لتفويت الفرصة على المؤامرات، وصناعة استقرار دائم، يمهّد الطريق أمام مستقبل آمن ومزدهر لشعب الجنوب.