'>
رغم كل التسريبات التي مثلت بصيصاً من النور في نهاية نفق الشرعية اليمنية فيما يخص اتفاق الرياض، ورغم البشائر التي تسربت على مدار الثمانية وأربعين ساعة الماضية بشأن إعلان (حكومة المناصفة)، أقول رغم كل هذا لم يتمخض جبل التسريبات لا عن فأر ولا حتى عن صرصار، بل لقد جرى تسريب أخبار أخرى تقول برفض بعض الأطراف لقائمة ما سمي بوزراء الوزارات السيادية، كما أنزلت بعض القنوات الإخوانية خبرا يتيما يتحدث عن سيطرة القوات الجنوبية على مدينة شقرة، وفي تصوري أن كل هذا يأتي لصنع مبررات لتعطيل اتفاق الرياض من قبل ممثلي "الشرعية".
لنعد إلى السؤال التقليدي المألوف المتكرر كثيراً: من المستفيد من اتفاق الرياض؟
قلت مراراً من خلال لقاءات متلفزة وبث مباشر ومنشورات عبر فيس بوك أن المستفيد الرئيسي من اتفاق الرياض هو سلطة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وعند ما تسأءل البعض : فلماذا وقعتم على اتفاق الرياض؟ قلت لكل من سألني هذا السؤال أن المكسب الوحيد للجنوبيين، وهو للشعب الجنوبي وليس للمجلس الانتقالي الجنوبي الجنوبي كجسم سياسي، يتمثل في تطبيع الحياة المدنية وتوفير الخدمات ودفع مستحقات موظفي الدولة الموقوفة في إطار حرب التجويع، ثم نزع فتائل التوتر من حياة المواطنين الجنوبيين.
ذلك هو ما لا يريده معرقلو اتفاق الرياض لأن عودة الحياة إلى طبيعتها في محافظات الجنوب تحرمهم من واحدة من أدوات الحرب على الجنوب، وستتيح لقوى المقاومة الجنوبين فرصة لالتقاط الأنفاس من أجل الذهاب للدفاع عن الحدود الشمالية في الضالع ويافع وعقبة ثرة ومكيراس والازارق وكرش والصبيحة.
المعرقلون لاتفاق الرياض ليسوا ضد الاتفاق كاتفاق، لكنهم ضد وجود شركاء ممن لا يقبلون بأجندتهم، إنهم يريدون الاتفاق الذي يمنحهم الهيمنة على الجنوب ولو بدون جنوبيين، بعد أن فقدوا الهيمنة على الشمال واقتراب سقوط مأرب بيد الحوثيين باتفاق أو بدون اتفاق مع الحوثيين.
المعرقلون لاتفاق الرياض لا يخسرون شيئا من هذه العرقلة، فلا شيء يهمهم، لا معاناة المواطنين الجنوبيين، ولا أرواح الجنوبيين التي تزهق في حربهم العبثية على الجنوب في أبين وشبوة، ولا الفشل المتواصل في جبهات المواجهة (إن كانت هناك مواجهة) مع الحوثي في مأرب والجوف والبيضا، ولا انهيار الحياة المدنية في تعز وخضوع المدينة ومعظم مديريات المحافظة لعصابات القتل والسطو والنهب والترهيب (الشرعية)، . . إنهم يعيشون قمة الاسترخاء والرفاهية في مقرات استضافاتهم في الخارج ولا يرغبون في العودة لا إلى عدن ولا إلى صنعاء.
والفرق بينهم وبين الطرف الجنوبي الذي قدم تنازلاتٍ مرةً من أجل رفع المعاناة عن المواطنين الجنوبيين، أن الأخير حريص على تقديم مصلحة المواطنين الجنوبيين على كل الاعتبارات والمصالح، مثلما يحرص على الشراكة الجادة مع التحالف العربي في ردع وهزيمة المشروعين الإيراني والتركي في اليمن، وهو ما لا يكترث له المعرقلون بل ويسعون إلى خدمة المشروعين المعاديين للتحالف العربي في اليمن بكل ما أوتوا من وسائل بما في ذلك ما يتلقونه من دول التحالف من دعم وعون.