شهدت الوحدة اليمنية عام 1990 آمالاً كبيرة لشعب الجنوب، الذي رأى فيها تحقيقاً لحلم الوحدة. لكن تلك الوحدة لم تدم طويلاً كحالة من التناغم، بل تحولت إلى مأساة جديدة عندما شنت قوات الجمهورية العربية اليمنية حرب اجتياح الجنوب في عام 1994. ورأى شعب الجنوب في تلك الحرب احتلالاً ثانياً بعد الاستعمار البريطاني، الذي استمر 129 عاماً وانتهى بثورة 14 أكتوبر المجيدة، ليحقق الشعب استقلاله في 30 نوفمبر 1967، وترفع راية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الدولة المعترف بها دولياً وذات مقعد في مجلس الأمن.
تمتع الجنوب حينها بفترة من الاستقرار والنظام بعيداً عن النفوذ القبلي والمشيخي، وكانت له طموحات تتجسد في بناء دولة قوية ومستقرة. لكن تلك الأحلام تحطمت بعد حرب 1994 التي تسببت في تهميش شعب الجنوب وإقصائه من مؤسسات الدولة، وطمس هويته الوطنية بما في ذلك رموز ثورة 14 أكتوبر. تم استهداف الكوادر العسكرية الجنوبية، وأُجبر الكثير منهم على التقاعد القسري، مما دفع الشعب إلى تنظيم صفوفه مجدداً تحت مظلة "التصالح والتسامح" التي انطلقت في 2007.
بدأت الحركة السلمية في الجنوب بمظاهرات المتقاعدين العسكريين والمدنيين في عدن، تحديداً في ساحة العروض بخور مكسر. ومنذ ذلك الحين، قدم شعب الجنوب تضحيات كبيرة من شهداء وجرحى ومعتقلين في سبيل استعادة دولته المستقلة. رفض أبناء الجنوب أي حلول لا تضمن عودة دولتهم ذات السيادة.
مع قدوم مليشيات الحوثي واندلاع الحرب، توحد أبناء الجنوب لمقاومتها وحققوا انتصارات عسكرية وسياسية بارزة. وكان من أبرز نتائج هذه التضحيات ظهور المجلس الانتقالي الجنوبي كحامل سياسي للقضية الجنوبية. وبإجماع شعبي واسع، تم اختيار الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي لقيادة المجلس الانتقالي، الذي تمكن من تحقيق العديد من الإنجازات، منها:
1. تشكيل هيكل تنظيمي: تأسيس فروع للمجلس في جميع محافظات الجنوب، من القرى إلى القيادة العليا.
2. بناء القوات المسلحة الجنوبية: تطوير قوات برية، جوية، وبحرية قادرة على الدفاع عن الجنوب.
3. إنشاء مركز إعلامي جنوبي: لخدمة القضية الجنوبية محلياً ودولياً.
4. الشراكة مع التحالف العربي: بقيادة السعودية والإمارات، مما عزز من الدعم اللوجستي والعسكري والسياسي للجنوب.
5. التمثيل السياسي: دخول الجنوبيين إلى مجلس القيادة الرئاسي وتمثيلهم في المحافل الدولية.
6. تشكيل هيئات سياسية ودبلوماسية: لخدمة المصالح الجنوبية.
7. إنشاء الجمعية العمومية ومجلس الشورى: لتعزيز الحوكمة.
لقد أثمرت جهود المجلس الانتقالي، بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، في تعزيز الوحدة الجنوبية وتحقيق انتصارات سياسية وعسكرية بارزة. ومع اقتراب عام 2025، يتطلع شعب الجنوب لجعل هذا العام عام الخير والأمان، مع التركيز على تطوير القوات المسلحة، تحسين الخدمات، ودعم الاقتصاد لتخفيف معاناة المواطنين.
تستمر القيادة السياسية في بذل الجهود لتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي، مع توجيه الشكر لدول التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على دعمهما المستمر لشعب الجنوب.
بقلم: الشيخ عبدالحكيم أسعد ثابت طبازه
عضو القيادة المحلية بمحافظة لحج وأحد مؤسسي الحراك الجنوبي.