
خارطة طريق بلا جنوب.. تسوية هشة تولد من رحم التهميش
ضغوط سعودية لتعديل خارطة السلام.. والجنوب خارج الحسابات!
عُمان تتحرك.. والحوثي يعلن خارطة الطريق دون شريك جنوبي
الانتقالي الجنوبي: من يتجاهل إرادتنا اليوم سيعود إليها مكرهًا غدًا
الخبجي: لا سلام عادل دون الجنوب
ماذا يحدث في عُمان !!
عدن – خاص – تقرير / غازي العلوي:
تشهد العاصمة العُمانية مسقط حراكًا دبلوماسيًا متسارعًا يسلّط الضوء مجددًا على مستقبل العملية السياسية في اليمن، في ظل مفاوضات جديدة تُجرى بين جماعة الحوثي والمملكة العربية السعودية بوساطة عُمانية ورعاية أممية، وسط تغييب واضح ومتعمد لصوت الجنوب وقضيته الوطنية العادلة، وتهميش دور المجلس الانتقالي الجنوبي الممثل الشرعي لشعب الجنوب.
وساطة عُمانية ومحادثات مغلقة
في أول إعلان رسمي عن هذه التحركات، كشف المتحدث باسم جماعة الحوثي، المقيم في مسقط، محمد عبدالسلام، عن لقاء جمعه بالمبعوث الأممي إلى اليمن لمناقشة ما أسماه “خارطة الطريق للسلام”، مشيرًا إلى أن الجانبين اتفقا على استئناف تنفيذ البنود الإنسانية المتضمنة في الخارطة.
ووفقًا لتصريحات عبدالسلام، فإن الوساطة العُمانية تسعى إلى إعادة تفعيل التفاهمات السابقة بين الحوثيين والسعودية، رغم تصاعد التوترات الأخيرة التي وصفتها الجماعة بأنها “تحركات لاستئناف العدوان بالتنسيق مع أمريكا والكيان الإسرائيلي”.
ضغوط سعودية لتعديل خارطة الطريق
في المقابل، نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادرها أن السعودية تمارس ضغوطًا مكثفة لإجراء تعديلات جوهرية على خارطة الطريق الأممية، أبرزها إضافة بند صريح ينص على نزع سلاح ميليشيا الحوثي، وهو ما ترفضه الجماعة حتى الآن.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه التحركات تجري بالتنسيق مع الولايات المتحدة، في محاولة لإعادة ترتيب أولويات المرحلة المقبلة من العملية السياسية، بعد تعثر مساعي الأمم المتحدة في الأشهر الماضية.
الجنوب.. الغائب الحاضر في المفاوضات
وفي ظل هذه التحركات، يبرز الغياب الصارخ للجنوب وقضيته عن طاولة المفاوضات الجارية في مسقط، ما يثير قلق الشارع الجنوبي وقياداته السياسية التي تؤكد أن أي تسوية تُبنى على الإقصاء ستكون مصيرها الفشل.
الدكتور ناصر الخبجي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، شدد في تصريح له على أن "السلام العادل لن يتحقق عبر الإقصاء أو تجاوز إرادة الشعوب"، مؤكدًا أن تجاهل إرادة الجنوبيين يجعل أي عملية سلام هشّة وعاجزة عن تحقيق أهدافها.
وأضاف الخبجي أن المجلس الانتقالي يؤمن بضرورة أن يكون الجنوب طرفًا أصيلًا في أي تسوية قادمة، انطلاقًا من دوره المحوري وتضحيات أبنائه في ميادين القتال والسياسة، محذرًا من أن تجاوز الجنوب لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الأزمات.
موقف جنوبي واضح وثابت
من جانبه، أكد الدكتور عبد الله عبدالصمد، أن الجنوب ليس ورقة تفاوض بل طرف رئيسي في معادلة الحل، مشيرًا إلى أن أي خارطة طريق لا تتضمن بندًا صريحًا يعترف بحق الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته لن تُقبل من شعب الجنوب.
وقال عبدالصمد إن “محاولات فرض تسويات معلبة أو صيغ سياسية جاهزة دون مشاركة الجنوب لن تجلب سوى مزيد من الصراع”، مضيفًا أن “الجنوب اليوم يمتلك الأرض والإرادة والقدرة على فرض احترامه السياسي”.
دروس الماضي وتحديات الحاضر
ويجمع المراقبون على أن تكرار سيناريو تجاهل الجنوب في المفاوضات، كما حدث في مراحل سابقة، سيؤدي إلى فشل أي عملية سلام، تمامًا كما فشلت مخرجات الحوار الوطني اليمني التي تجاهلت القضية الجنوبية.
فالجنوب الذي قدم آلاف الشهداء في مواجهة الإرهاب والميليشيات والانفلات الأمني، يرى أن تضحياته لا يمكن أن تُختزل في تفاهمات خلف الكواليس، أو في تسويات تفرضها العواصم بعيدًا عن صوت الشعب وإرادته.
الجنوب حاضر وإن غُيّب
تبدو مسقط اليوم مركزًا لتحركات سياسية مكثفة تهدف إلى رسم ملامح جديدة للسلام في اليمن، غير أن تغييب الجنوب عنها يضع علامات استفهام كبيرة حول مصداقية هذه الجهود ومآلاتها المستقبلية.
فالجنوب – كما يؤكد قادته – فرض وجوده بالتضحيات والدماء، ولن يقبل أن يكون هامشًا في معادلة السلام التي دُفعت فاتورتها من دماء أبنائه.
إن أي تسوية لا تضع الجنوب شريكًا أصيلًا في صناعة القرار، لن تصمد أمام واقع الأرض، ولا أمام إرادة شعبٍ صمم على انتزاع حقه في الحرية وتقرير المصير.