'>
نقولها وبصدق ما يحزن أن هذا الوطن الأب الحاني الجنوب المهاب المهيب الذي أعطى الهيبة لكل هؤلاء وأولئك من شمال اليمن وحتى جنوبنا ، بات أشبه بالشيخ الطاعن الذي لم يعد يسمع له ولا يسمع منه ، ولا ينظر له بعين العطف ، ولا يتلمسه بيد الحنان ، هذا الوطن وهذه الدولة باتا ((مطعما)) يدخله الجائعون معزولون ، حتى إذا ما شبعوا وأتخموا خرجوا منه دون التفاته .
في هذا الوطن وفي هذا الوقت بات من يدافع عن الوطن اقصد هنا عن الدولة الجنوبية و كأنه خارج عن الملة مذموما ، فكل من شبع من أكتاف الجنوب سيحاول الخروج من الباب الخلفي ، حتى لا يراه أحد ، وهذا هو مخطط قديم لضرب الثقة بالوطن والدولة وبات ينجح يوما بعد يوم .
هذه الارض الأم الرؤوم التي ضمت بين جنباتها كل الخائفين وكل المحتاجين لا تجد كثيرا ممن يمدحها ، حتى أصبح الجنوب مذموما من أبنائه ، والدولة مستهدفة من أبنائها والوطن ساحة للأشقياء يستبيحون دماء بعض على أتفه سبب ، ثم يقولون لك أين هيبة الدولة ؟
ألا نزال نسأل رغم كل الشروحات التي تقدمت ، وكل الاحداث اليومية التي تتفجر فيها الصراعات بين أبناء العمومة وأبناء البلدة الواحدة والمدينة الواحدة ، وكل الدسائس والنمائم والشتائم المستترة التي يمارسها الموظفون ضد زملائهم في المؤسسات العسكرية او المدنية .
هذا الوطن لن يعود له الألق إلا إذا وقف المسؤول ودافع عن موقفه ، وخرج أرباب الوظائف الكبرى ودافعوا عن الدولة الحقيقية ، وتحملت القيادات المسؤولية الكاملة عن أي فعل أو سياسة تكون فيها مصالح الوطن ، وقام الموظف العام بواجبه على اكمل وجه وآمن أن وظيفته هي خدمة الناس لا التسلط والتعالي عليهم أو تحويل المكاتب الى غرف تسلية ، فالإيمان بالوطن والدولة يعطي الإنسان روحا وثابة للمزيد من احترام قيادة الدولة ورموزها والانتماء للوطن وثوابته .
لن نقول بأن لا أحد يدافع اليوم عن الجنوب بل على العكس من ذلك ولكن الاختلاف عمن يدافع عن الوطن الجنوب بحق ، إلا من رحم الله من الفئة الطيبة المزروعة في أرض لا يتغير لونها ، كنحل الصحراء الذي ينبت أطيب الثمر رغم ظروف القاسية والمناخ الصعبة وشح الماء وسخونة الهواء ، أما أولئك الذين فضلت عليهم الدولة ، أو جعل منهم الوطن رجالات ، فلا أحد يسمح منهم سوى كلمات من هنا وهناك ، مقتضبات خجلات ، رغم تنعمهم بالماء البارد سيله ونسائم المكيفات التي تزرع حدائق الزهور لهم حول مقاعدهم الوثيرة ومغامراتهم المثيرة .
لقد أصبح الوضع صعب جداً والبعض يظن أن مهاجمته القيادة والوطن الجنوبي مثلا تعطيه شهادة الوطنية وتسجله في مصاف الرجال المخلصين ، ولكن المشكلة أن الناس كلها تعرف هؤلاء البعض وتعرف وضاعة نفسياتهم و ضيق مصالحهم الشخصية ومع هذا فهي تجاملهم في كل ما يقولون ، أفلم يعد هناك من يدافع عن الوطن لوجه الله ؟ ألا يدافعون إلا بالمقابل ؟ هل تحولنا فعلاً الى مرتزقة وطنية في وطننا ؟ ..